الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

فتنة بالشام أولها لعب الصبيان، و نهاية الزمان


في أحد الأيام قبل أشهر قليلة و في تسكع لا يلوي على شيء في غياهيب الشبكة العنكبوتية... قرأت أنه ورد في كتاب اسمه الفتن لـ نعيم بن حماد الأثر التالي عن ابن المسيب باختلاف رواياته:
· عن ابن المسيب قال: تكون فتنة بالشام، كان أولها لعب الصبيان، ثم لا يستقيم أمر الناس على شيء، و لا تكون لهم جماعة، حتى ينادي منادي من السماء: عليكم بفلان، و تطلع كف بشير. ص338
· عن سعيد بن المسيب، قال: تكون بالشام فتنة كلما سكنت من جانب، طمت من جانب، فلا تتناهى حتى ينادي مناد من السماء: إن أميركم فلان. ص238
· عن سعيد بن المسيب قال: تكون فتنة، كان أولها لعب الصبيان، كلما سكنت من جانب طمت من جانب، فلا تتناهى حتى ينادي مناد من السماء: ألا إن الأمير فلان، و فتل ابن المسيب يديه، حتى إنهما لتنقصان، فقال: ذلكم الأمير حقا، ثلاث مرات. ص337
و أن تقرأ شيئا كهذا، و أنت تعيش بالشام تعاين أحداثها الدامية و كيف تدرجت من كتابة عابثة على يد صبية في درعا لعبارات مناهضة للنظام على جدار مدرستهم، ثم تتدحرج و تتحول لثورة شعبية ثم تلتهب فلا تهدأ، و كلما قيل "الأزمة خلصت" _و قد قيلت عشرات و عشرات المرات_ اشتعلت أكثر... أن تقرأه في أجواء القصف و الذبح و السحل، فإنه لا يسعك إلا أن تفرك عينيك مذهولا و تتوقف عند هذا الكلام لوهلة، حتى لو كنت أكثر الناس تبلدا و تشككا... 
بحثت عن الكتاب فوجدته متوفرا بالشبكة، و من هنا بدأت حكايتي معه...فالكتاب يتحدث عن الفتن و الملاحم التي بين يدي الساعة، أي تلك التي تمهد للعلامات الكبرى و تترافق معها... و هذه الآثار عن ابن المسيب واردة في باب علامة المهدي!!!
لا أستطيع وصف الشعور الذي أدخلني في جوه الكتاب... فأن تقرأ عن فتنة الشام التي بدأت بلعب الصبيان على أجواء الموسيقى التصويرية اليومية من القصف الذي يذكرك بشهيق جهنم و هي تفور _لا أسمعنا الله إياه_!
أن تقرأ عن تفاصيل غريبة عجيبة مذهلة و بأماكن تشهد مآسيها...  كأن تمر على أثر كالآتي: (عن كعب قال: ليوشكن العراق يعرك عرك الأديم، و يشق الشام شق الشعرة، و تفت مصر فت البعرة، فعندها ينزل الأمر. ص 213)، و أنت تشاهد الأخبار...
لا بل عن دمار هائل سيصيب حمص و حصار لها من قبل بربر!! (عن مشيخة قالوا: أهل حمص أشقى أهل الشام بالبربر. ص270 ) _وردت بالنسخة بالبرر خطأ و لكنها في نسخة النت بالبربر_، حمص التي باتت اليوم أثرا بعد عين، لم يسبق لها أن دُمرت حتى في زمن تيمور لنك الذي تركها كرمى لخالد بن الوليد المدفون فيها!
عن خسف سيصيب حرستا _و هي مدينة في ريف دمشق و التي شبه اندرست حاليا بفعل القصف_...
أن تقرأ هذا الأثر: (عن أبي العالية قال: أيها الناس لا تعدوا الفتن شيئا، حتى تأتي من قبل الشام، و هي العمياء.ص235) و أيضا (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: الفتنة الرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر، لا يبقى بيت من العرب و العجم إلا ملأته ذلا و خوفا، تطيف بالشام و تعشى بالعراق و تخبط بالجزيرة بيدها و رجلها، تعرك الأمة فيها عرك الأديم و يشتد فيه البلاء حتى ينكر فيها المعروف و يعرف فيها المنكر لا يستطيع أحد يقول: مه مه، و لا يرقعونها من ناحية إلا تفتت من ناحية، يصبح الرجل فيها مؤمنا، و يمسي كافرا، و لا ينجو منها إلا من دعا كدعاء الغرق في البحر، تدوم اثني عشر عاما، تنجلي حين تنجلي، و قد انحسرت الفرات عن جبل من ذهب فيقتلون عليها، حتى تقتل من كل تسعة سبعة. ص238-239)...
أن تقرأ كل هذا على هذا الحال... 
الكتاب أصابني بالفزع... هل قلت الفزع؟ لا أدري حقيقة إن كان اسم الشعور الذي أصابني هو الفزع... قد كان شعورا غريبا أعجز عن إحاطته بكلمة، إذ لا أملك في خبرتي اللغوية ما يسميه... لأني لم أشعر به قبلا، فحتى الشعور باقتراب الموت لا يشبهه... لا أدري... شعور أشبه بالفزع و لكنه ممزوج بذهول و تحطم للمعنويات مع فراغ و لامبالاة لشدة سخف ما تبدو عليه الدنيا أن تنتهي أخيرا هذه الحكاية، و إحساس مبهم طريف لاحتمالية شهودك لتلك الأحداث التي قرأت عنها في الكتب... و كدت أدخل في حالة اكتئاب لولا أن انتبهت لنفسي، أن يا بنت يا سلمى استيقظي و انتبهي أين أنت... فما الذي سأحزن عليه فيما لو فعلا اقترب الزمان و انتهت الدنيا، هل سأحن لمواصلة العيش مع هذا المخلوق الذي يفسد فيها و يسفك الدماء و لا يشبع؟ و هل أنا أعيش في النعيم غافلة عن الموت و أنا أتشهد كل يوم على روحي؟ أليس من المعيب أن أشعر بتحطم المعنويات و كأنه بقي لدي معنويات لتتحطم أصلا! و هكذا عدت سلمى المعهودة دائما و أبدا... و لكن التي باتت تتخيل أن احتمالا كبيرا شهودها لكل علامات الساعة الكبرى...
و حقيقة أن الكتاب مع الوقت شعرت به قد أعطى مفعولا عكسيا لصدمة البداية... فقد بات بمثابة علاج و مهدئ... أعني كلما فكرت بما آل إليه حال البلد، و الخراب الخراب الخراب الذي يلف كل شيء، و كيف تكالبت الدنيا علينا يشهدون مذبحنا بقلب بارد ميت متشف و يمدون للظالمين أكثر... و كلما كاد الحزن يقتلني... تذكرت أن لا ينبغي أن أحزن... فما يحدث هو أكبر من أي شخص أو فرد أو مجموعة... هو أمر أجل و أكبر و خارج إرادة البشر... حتى فراعنة العالم الذين يظنون أنهم يمكرون بنا فالله محيط بهم و هو خير الماكرين...
و حين تأتيني هذه الفكرة فإن حزني يسلو قليلا... و يتوه الألم الآني حين التفكير بصورة الوجود البشري برمته و سيرورته... فالله اختار لهذا المكان أن يكون هو مدار أحداث بداية النهاية... منذ بداية خطة الخلق قد قدر الله أن يسير الوجود البشري على الأرض بهذه الطريقة إلى نهايته... و معونة الله لن تغادر المؤمنين و لن تسمح بإبادتهم _حتى لو أثخوننا جراحا_، حتى آخر لحظة في وجودهم على الأرض حين تأتي الريح فتقبض كل نفس مؤمنة و تبقي شرار الخلق لتقوم عليهم الساعة...

قد شعرت باقتراب الزمان فعلا... و لكن أيضا هناك احتمال أني دخلت بجو الكتاب زيادة عن اللزوم لأني قرأته في مثل هذه الأجواء فربما ما زال الزمن بعيدا و ربما حتى ليس يصدق شيء من الأثار التي ذكرتها قبلا عن فتنة الشام تلك و ما قيل في حمص و حرستا... فمعظم الأثار و الأحاديث الواردة في الكتاب هي ضعيفة و منكرة و لا يعتد بها من قبل علماء الحديث... فعلى ما يبدو أن صاحبنا نعيم عليه رحمة الله _و هو المتوفى بالسجن بسبب محنة خلق القرآن لأنه أبى أن يجيب بما أرادوه أن يجيب به، و يا لتكرر ظلم السلاطين!_ كان منهجه جمع كل شيء يصادفه أو سمع به من دون تدقيق أو تمحيص، و في الأثر: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع! و لهذا فقد اختلف حوله علماء الجرح و التعديل، و لكن يمكن استخلاص مجمل ما قيل بأنه ثقة بنفسه و لكنه كثير الوهم و الخطأ و لكثرة ما تفرد بأحاديث و مناكير صار ضعيفا و بحكم من لا يحتج به... و هذا ما يقلل من الاستفادة من الكتاب أو التصديق بما جاء به أو جعل ما ورد به حجة... فهو لا يـُقرأ إلا للاستئناس... فقط!
و لذلك حين تقرأه فإنك ترى كيف تتضارب الروايات و الأقوال و تتداخل و بعضها تتناقض الأماكن و الأحداث... فضلا عن احساسي و أنا أقرأ بأن الحياة السياسية بتلك الفترة التي رويت فيها الأحاديث قد أثرت على الموضوع... فمثلا تجد تكرارا لنفس الأثر لكن مرة بشكل عام و مرة منزلا على أشخاص... فجآني التصور الآتي، أنه ربما جزء من هذه الأحاديث و الأثار ورد بشكل عام أو من دون تحديد اسم معين، و ربما كان صحيحا ثم جاء راو ما، فرواه و أنزله على زمانه، فبدا تفسيره و كأنه جزء من الأثر يروى معه.. طبعا هذا على إحسان الظن، لأنه على إساءته فإنه قد أتى من يضيف متعمدا لما يتناسب مع توجهاته السياسية... و ليس المشكلة في اسقاط الحديث على واقع المرء طالما أن يبقى المرء واعيا للفرق بين الحديث نفسه و بين فهمه، و لكن المشكلة في الكتاب هو تداخل تصور الراوي بالأثر فروي و كأنه شيء واحد... أقول ربما...
أضف إلى ذلك عسارته و صعوبته، فتحقيقه لا يتعدى ترقيم الأحاديث!!! و كلامه و مصطلحاته و أسماء الأماكن و القبائل فيه كلها قديمة و تحتاج لشرح و تبيان، فضلا عن عدم تخريج أحاديثه و الحكم عليها... فضلا عن امتلائه بأحاديث موضوعة و مكذوبة و كلام لا تدري من قاله أصلا... و لذلك قد استغرقتني قراءته أشهرا و أنا ألاحق هذا الحديث و أبحث عن صحة ذاك القول و أحاول تبين معنى ذلك و هكذا...

بعد كل هذا ما الذي أود قوله... إذ يبدو من قراءة ما تقدم أني و بعد أن رفعت الكتاب للسماء، أنزلته الأرض... لست متأكدة مما أود قوله... و لكن دعوني أكتب بعض النقط:

- الكتاب ليس موثوقا فلا ترتاح النفس كثيرا للتصديق نظرا لهذا الضعف، و لكنه أيضا مذهل بمدى انطباق بعضه مع الواقع _أو على الأقل هكذا يهيء إليك_ فلا ترتاح أيضا لنبذه تماما... و لذلك أهم ما فعله الكتاب هو ادخال في نفسي احتمالية كبيرة لشهودي للعلامات الكبرى أنا سلمى... و هذه الاحتمالية لا تعني الجزم و لا الرجم بالغيب، و إنما تعني أنها باتت إحدى السيناريوهات القوية التي أضعها في ذهني حين التفكير بأي أمر مستقبلي... و أن تـَدخل في نفسك مثل هذا الاحتمال فإنك ستشعر بتغير طريقة نظرتك للمستقبل و تعاطيك معه... ربما يجعلك أكثر طمأنينة فلا تذهب نفسك حسرات بسبب مكر الماكرين، و أكثر زهدا فلا تتكالب و تتمسك كثيرا بمتعلقات هذه الدنيا... و ربما أصغر مثال أن أمنيتي بلو أكتب كتابا يغير وجه التاريخ، بت أسخر منها و أقول ربما يا سلمى لن يتاح لك سوى كتابة آخر صفحة في هذا التاريخ... و لكن حينها ما الفائدة من كتابتها! و هذا يقودني للنقطة التالية...

- أول مرة أشعر بمعنى حديث رسول الله "إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، فرسول الله ما وجه هذا الأمر إلا لصعوبة أن يتمالك المرء نفسه في أن يفعل شيئا مفيدا و هو يرى ما يرى... فالشعور باللاجدوى من أكثر المشاعر المدمرة و المعيقة عن العمل... و أنى يدفع المرء عن نفسه اللاجدوى و هو يرى كل هذا الخراب و القتل! هنا يأتي دور الحديث... فرغم اللاجدوى على واحدنا أن يعمل و يغرس الفسيلة... و عليك أن تتوكل على الله و تكتب آخر صفحة في التاريخ فيما لو كنت الأخير... حتى لو كنت تشعر بالغثيان و الرغبة بإقياء وجودك الذي ابتلي بمعاينة كل هذه الأهوال...

- رغم أنه يفترض بالمؤمن أن يضع اقتراب الساعة في حسبانه لأن رسول الله و منذ مبعثه _الذي هو دلالة على اقتراب الساعة_، كان أخبر صحابته الكرام بأنه سيكون حجيج الدجال فيما لو خرج فيهم... دلالة على أنه وشيك لتلك الدرجة... و لكن شأني كشأن معظم المؤمنين نؤمن بذلك نظريا لكن لا يتصور واحدنا في ذهنه حقيقة أن يكون من ضمن أولئك الذين يشهدون العلامات الكبرى، بل يستبعد الفكرة... و لا تسألوني لماذا، لا أدري لماذا ربما لأن علامات الساعة الكبرى حين نقرأها تبدو عجائبية و بعيدة عنا، لأنها مكتوبة بأسلوب خطاب لم نعد نستخدمه في كلامنا اليومي، و كأن فيها لمسة سحرية... أو لأنا منقوعين بالواقع و أحداثه فلا ننتبه لهذا... و هذا ما يجعل عقل واحدنا يستبعد أن يشهدها هو بنفسه... مما ينقلني للفكرة التالية...

- بت شبه متأكدة أن علامات الساعة الكبرى حين تقع فإنها ستقع ضمن سياق الأحداث و ضمن ميزان الأسباب و المسببات و وفق قوانين و مصطلحات الزمان الذي تقع فيه، بحيث أنها تنساب و تنسل فلا يجد المرء نفسه إلا مواجها لها مباشرة... فلن يحدث أمر سحري بتلك الطريقة التي يهيء للمرء و هو يقرأ بفعل تداخل المخيلة... فهذا هو الفرق بين القراءة و التخيل و بين الواقع... و سيبقى هناك أبدا أناس يستبعدون و يشككون و يؤولون و يلوون حتى لو وقف الدجال أمام عينيهم... و هذا ينقلني للنقطة التي تليها...

- على سبيل المثال، القارئ لكيفية الانتقال من العلامات الوسطى (أو الصغرى كما يسميها البعض) إلى الكبرى، يلاحظ احتدام الأمور و تصاعدها... فقبل خروج الدجال هناك فتن و ملاحم و ملحمة كبرى في الشام تطال مصر و العراق و الجزيرة و ما إلى ذلك... هذا أمر يعرفه لمن قرأ علامات الساعة... و لكن أول مرة أنتبه من خلال شرح أحدهم أنه يمكن بطريقة تقربه من روح العصر صياغة الفكرة السابقة بأنها شيء أشبه بحرب عالمية في الشرق الأوسط... و هذا ما يجعلني أنتبه إلى أنه كان هناك انفصال في ذهني بين أوصاف هذه العلامات المقروءة بأسلوبها و التي هي جزء من العقيدة الإسلامية و بين لغة العصر المعتادة... و لهذا كنت _و أنا ذات مخيلة واسعة_ لا يخطر لي أن شخصا كإياي من جيلي قد يشهدها حين كنت أقرؤها سابقا... فالمشكلة في ابتعادي عن عيش اللغة...

- هذا الاحساس الذي يضعك فيه الكتاب بالنهاية يشرع عليك باب التفكير في معنى الدنيا و الغرض من الوجود منذ بداية الخلق و حتى وصلت إلى الآن و ما ستؤول إليه... أفكار و تخيلات و تهيؤات لم تكن تخطر في البال... فمثلا قد سألت أحد الزملاء القراء الذين يقطنون خارج سوريا _بعيدا عن دور المؤثرات التي أعيشها _فيما لو كان يحس باقتراب الساعة بدوره، و لكنه استبعد ذلك لأنه لا يشعر بأن خطة الخلق اكتملت... لكني وجدت كلامه غير مقنع، بل قدح في ذهني العكس ... فالله خلق هذا الكائن البشري و أعطاه القدرة و الإرادة و الخيار و علمه ما لم يكن يعلم و وضعه ضمن قوانين كونية معينة على هذه الأرض ليرى عمله... فبعد آلاف من السنين و تراكم خبرات هذا المخلوق ينقلها جيلا إثر جيل، فإن آخر ما وصل إليه من استغلاله لحرية الإرادة التي نفخها الله في روحه هو اختراع أدوات تدمير شامل لوجوده مع شذوذ في الفطرة و حقد متوحش لكل عدل و خير و إيمان... فمن يدري لربما تكون نهاية خطة الخلق عبر استخدام هذا المخلوق لهذا السلاح، يستخدمها كلها فينهي وجوده بيده... و حينها يأذن الله بقيام الساعة... أليس هذا ممكنا... سبحان العليم!

- صدمتي بالكتاب لم تتأت فقط من الجو االذي وضعني فيه، و إنما أيضا من فضحه لجهلي المدقع... فكيف لم أسمع بمثل هذا الكتاب في حياتي برمتها... و لماذا لم يتصد أحد لتحقيق هذا الكتاب فعلا... بل أين كنت غافلة عن كل تلك الأحاديث "الصحيحة" التي مرت معي، و كيف لم أقرأها و لم أسمع بها و هي بمثل هذه الأهمية... و لماذا لم تكرر على مسامعنا من قبل العلماء و المحاضرين... و لماذا أصلا موضوع علامات الساعة غير مطروق كثيرا من قبل العلماء و المحاضرين... فلو أن العلماء و الشيوخ أعطوا للحديث و النقاش و التباحث عن علامات الساعة فقط ربع ما أعطوه من جهد و وقت و كتب للحديث عن المرأة التي أتخمونا بالحديث عنها حد الثمالة و الغثيان و خروج الكلام من أنوفنا... أقول لو فعلوا هذا لصار الناس جهابذة بعلامات الساعة...

- كنت فيما مضى أعيش في إشكالية فيما يتعلق بمدينتي دمشق و غوطتها... فأنا حقيقة لم أكن أحبها... أو دعني أقول إن افتقاد الجو العام فيها لقيم عليا و تشبعه بالفساد و الظلم بالإضافة لكثير من هزالة و نفاق الوسط الديني، يجعلك تنفر منها مع الزمن _و دع عني كلام الحنين للأوطان و لا أدري ماذا، فالوطن كما أفهمه هو المكان الذي آمن فيه و أشعر بالعدل و بإني إنسان مختار و وجودي و ديني و فكري محترم (و ربما أني متوهمة بالخلط بين تعريف الجنة و الوطن)_، المهم أن الإشكال مصدره ليس عدم محبتي، فلست مضطرة لأحبها... و لكن إشكالي كان مع الأحاديث الواردة في خيرية المكان و خاصة في آخر الزمان... فلم أكن أفهم كيف لمكان موبوء بكافة أشكال التلوث المعنوية و المادية أن يتأتى منه الخير أو يكون فيه بركة من نوع ما و أنا أكاد أشعر به ملعونا و منحوسا...فضلا عن تشوه معنى الأحاديث في ذهني بتكرارها المستمر بتلك السماجة الزائفة الطقوسية المتدروشة تارة و المتكبرة تارة أخرى، و كأن الواقع الفاسد و المنافق الذي أراه هو الخيرية التي ينبغي علي توقعها و تأملها و الإيمان الذي يفترض علي المصادقة عليه...
و لكن حقيقة لأول مرة أفهم الأحاديث الواردة في خيريتها بهذه الأحداث الأخيرة و يا للغرابة! إذ انتبهت أن مصدر الخيرية و الفضل حسب النظرة الاسلامية عادة حين يذكر عن شيء فإنه لا يكون مرادفا للراحة و الرفاهية و لا المظاهر الدينية المنافقة الجوفاء، و لكنه عادة يشير لشدة الابتلاء و المصابرة و المجاهدة من أجل كل خير و حق... و بالتالي ربما تكون الخيرية الواردة في هذه البقعة من العالم المسماة ببلاد الشام، دلالة على شدة الابتلاءات و المحن فيها _و ما أكثرها_... و ربما ما ذُكرت هذه الأحاديث إلا لتصبير المؤمنين من تركها رغم كل شيء، و كأنها تخصيص للعام... فالعام أن الأرض كلها أرض الله و هي واسعة... و لكن الشام خصصت للمصابرة فيها في آخر الزمان حيث يشتد الأمر... فهي كما يبدو أرض لن تعرف الراحة أبدا... أقول ربما... و عادة كلما اشتد الأمر كلما ازدادت جواهر النفوس صقلا... و الزبدة لا يستخلصها إلا الخض... و حقيقة أن هذه المحنة قد أعادت تشكيل مفهوم دمشق في ذهني، و بت أرى فيها شيئا مختلفا، فالخير المدفون و المبعد في كثير من النفوس بدا يطفو على السطح _و ليس فقط الحقد و الشر و القبح وحده الذي طفا_... و كأن الجمال لا يستخرجه و يصقله إلا القبح... و هكذا تصالحت مع مدينتي و قررت قراءة كتاب عن فضلها و فضل كل هذه البقعة من الأرض المتعبة (بفتح العين و كسرها) في آخر الزمان... و إن كنت أعترف أني لم أعد أحتمل فخرجت منها أخيرا... و لكني أعتبر الأمر مؤقتا _بإذن الله_ إذ قررت أن لا أهاجر منها كما كنت سابقا أتمنى...
و هذه بعض الأحاديث الورادة بالشام (والتي سوريا جزء منها) و بدمشق و غوطتها تحديدا...
· قال رسول الله: فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها: الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق، خير منازل المسلمين يومئذ. صححه الألباني
· قال رسول الله: بينما أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فعمد به إلى الشام ألا و إن الإيمان حين تقع الفتن بالشام. رواه المنذري في الترغيب و الترهيب و قال رواته رواة الصحيح
· يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام ، قالوا يا رسول وبم ذلك قال : تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام. صححه الألباني
·  قال رسول الله: سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة، جند بالشام و جند باليمن و جند بالعراق. قال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم، فعليكم بيمنكم، و اسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام و أهله. صححه أبو داود
· قال رسول الله: إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة. قال الترمذي حسن صحيح

- الفتنة لغة هي الامتحان يقول تعالى: أحسب الناس أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون. و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين.
فالفتن ليس يقصد بها ضرورة أن المرء لا يدري أين جانب الحق و أين الباطل و هرج و مرج مختلط فقط، و إنما امتحان يعم فيصيب الأمة... و الفتن أنواع و أشكال بحسب الأحاديث، بعضها بالسراء و بعضها بالضراء... و بعضها يفترض اعتزالها... و بعضها عليه أن يتخذ جانبا...
و أظن ما يميز فتن آخر الزمان أنها ستطال الجميع بلا استثناء بحيث لا مفر و لا انعزال عنها... و أنها ستجعل النفاق يتلاشى... حتى يصير الناس أخيرا لقسمين كما ورد في الحديث! فعن رسول الله _و قد صححه الألباني_ و فيه ذكر لأنواع الفتن التي ستصيب الأمة مرتبة "فتنة الأحلاس هي فتنة هرب و حرب، ثم فتنة السراء، دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني، و ليس مني، إنما وليي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقطعت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنا و يمسي كافرا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، و فسطاط نفاق لا إيمان فيه. إذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من اليوم أو غد.
و من تتبع لما يحدث في المحنة بالشام، فالملاحظ أنه كلما طالت كلما تساقطت أقنعة و فضحت النفاق أكثر و كلما اتسعت دائرتها و أصابت أناسا أكثر، كلما تمايز الناس أكثر... و المرء لا يتخذ موقفا و يتوقف عن ظهوره بشكل حيادي أو رمادي إلا حين يُسقط في يده و يوضع على المحك بشكل مباشر و شخصي و يضطر للاختيار في مفترق لطريقين لا ثالث لهما...
و فتنة الدجال أعظم هذه الفتن، و قد سميت فتنة مع أن الحق فيها جانب واحد و ليس مختلط و قد حذرنا رسول الله و بالوصف من الدجال... و لكن مع ذلك هي من أعظم الفتن لشدتها... و لصعوبة اختيار الحق فيه حتى لو كان المرء يعرفه... هذا إن لم يـُزين له... ورد في الأثر عن عبيد بن عمير الليثي قال: يخرج الدجال، فيتبعه ناس، يقولون: نحن نشهد أنه كافر، و إنما نتبعه لنأكل من طعامه و نرعى من الشجر، فإذا نزل غضب الله، نزل عليهم جميعا. ص546
نسأل الله السلامة و الثبات...
إذن الفتن ليست شيئا واحدا، و التصرف حيالها أيضا ليس بطريقة واحدة... و إلا لو كان هناك وصفة تناسب جميع الفتن، لما كانت فتنا... بيد أن الحلال و الحرام لا يختلفان في فتنة و غيرها...و الظلم محرم و العدل و احقاق الحق فرض رغم كل شيء...

- هناك حديث صحيح ورد في صحيح مسلم: "عن حذيفة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه." كلما سمعته، عضضت على شفتي أن ماذا لو أنهم فقط نقلوا لنا ذلك! لكن الله لم يشأ أن يصلنا إلا نتفا، و لم يشأ إلا أن يكون كثير منها _مثل كتاب ابن حماد_ قد خالطها ما ليس بصحيح فأخذ السقيم السليم و لم يعد يعتد به، و الله هو الأعلم بالحكمة من هذا... على كل هذا ما يفسر كيف تحدث الصحابة عن بعض الفتن التي ستحدث و هو أمر غيبي _فيما لو صحت النقول عنهم_... فأنى لصحابي أو تابعي أن يتحدث عن ما سيكون!

- و بما إنو سيرة و انفتحت، فدعوني أخبر بهذا الأمر، أنه و كما ترون فالكتاب أصابني بشيء من الهوس _حسنا أعترف، بكثير من الهوس_، و صرت كلما شاهدت أحدا أخبرته أن انتبه! فالساعة اقتربت!!! و بت أجد في هذا الأمر شيئا من المتعة، و لا أدري لماذا! كما أفعل الآن بكم... حتى أحسست و كأني أتحول لتشارلي آخر... و تشارلي هذا يا سادة يا كرام هو شخصية في فيلم 2012 _و هو فيلم يتحدث عن نهاية العالم، و رغم كل المؤثرات البصرية المبهرة فيه إلا أن معالجته للفكرة رديئة للغاية حتى بات لا يستحق المشاهدة_.
المهم أن صاحبنا تشارلي كان مهووسا بنهاية العالم، و كان يقول للناس طوال الوقت أن انتبهوا! و كرس حياته و صنع إذاعة حتى ينبه الناس طوال الوقت... حتى بات مسطولا...


ففكرت أن يا بنت يا سلمى هل يعقل أني بت أشبهه و أبدو هكذا مسطولة تسوح و تستمتع بافزاع الناس أن اقتربت الساعة!  لكن أخي نبهني إلى أن تشارلي هذا كان مهووسا أيضا بمخلل الخيار و كان يخزن منه أكداسا...
و هنا شعرت بالاطمئنان بأني لن أصير مثله... لأني أجد أن مخلل اللفت و الشوندر ألذ بكثير و لو كنت مكتنزة للمخلل لما اكتنزت إلا مخلل اللفت و الشوندر... و هكذا ارتاح ضميري  بأني لم يخالط عقلي لوثة ما... و أني ما زلت أستطيع الاستمتاع بقول قررررررربت... و أبقى سلمى المعهودة دائما و أبدا... 

- الكثير من الأحاديث التي ذكرها ابن حماد، طفقت أبحث عنها في مصادر أخرى، نظرا لأن رواية ابن حماد غير موثوق بها... و سأذكر بعض التي توقفت عندها مع تعليق صغير و تخريج لها، أقول بعضا منها لأني لو ذكرت كل ما توقفت عنده فلن أنهي هذه المراجعة إلا بمجلد ( ها قد استخدمت لازمتي التي ترافقني مع مراجعة كل كتاب يملأني، و لن أجد كتابا يملأني أكثر من هذا الكتاب)... مع الانتباه أن ليس من ضمنها تلك التي افتتحت بها عن فتنة أولها لعب الصبيان و حرستا و حمص و ما إلى ذلك، لأن هذه آثار لم يثبت منها شيء و تفرد بها نعيم و حتى أنها ليست بأحاديث عن رسول الله... و إنما سأذكر أحاديثا عن رسول الله استوقفتني... مع الحكم عليها من موسوعة الكترونية للأحاديث... يعني أنها ليست دراسة موثقة و إنما مجرد حكم سريع عليها...
· قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من اقتراب الساعة هلاك العرب. ضعفه الألباني و حسنه ابن حجر.
  حقيقة لم أكن سمعت بهذا الحديث قبلا، و أعترف بأنه صدمني، و لو قرأته قبلا لفكرت بأنه يبدو بعيدا، و لكني حاليا أستطيع تخيل كيف يحدث هذا... لو ثبت هذا الحديث!
· قال رسول الله: ليدركن الدجال قوما مثلكم أو خير منكم، و لن يخزي الله أمة أنا أولها، و عيسى بن مريم آخرها.ضعفه الألباني، و بلفظ آخر مرسل حسنه ابن حجر: ليدركن المسيح أقواما مثلكم أو خير ثلاثا...
إذن هذه الفتن ليست مجانية، فهي تصنع جيلا كالصحابة أو ربما حتى خيرا منهم _فيما لو ثبت الحديث_!
·  تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله - تعالى -، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله - تعالى -، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله - تعالى -، ثم تكون ملكا جبرية فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله - تعالى -، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة . ثمسكت. حسنه الألباني
كيف مضت حياتي و لم أسمع به قبلا... على كل يا ترى نحن في أي مرحلة؟ أترك الأمر لكل منكم ليخمن...
·  ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال إن يخرج وأنا فيكم! فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، فإنها جواركم من فتنته. قلنا: وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما: يوم كسنة ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم فقلنا: يا رسول الله: هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره، ثم ينزل عيسى بن مريم، عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيدركه عند باب لد فيقتله. صحيح ابن داود
هذه المنارة البيضاء و هي المئذنة العمرية في باب شرقي، هي أحب الأماكن على قلبي في دمشق، لطالما تمشيت و صديقتي وفاء إليها، و أكلنا البوظة تحتها... (و أسأل الله أن أعود قريبا و آكل البوظة هناك مع صديقتي)، و يقال أيضا أن المقصود بالمنارة هو المئذنة الشرقية للجامع الأموي_ و التي لا تبعد عن تلك أكثر من دقيقتين أو ثلاثة مشيا على الأقدام...
· عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله قال: منعت العراق درهمها وقفيزها. ومنعت الشام مديها ودينارها. ومنعت مصر إردبها ودينارها. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم. شهد على ذلك لحم أبي هريرة و دمه. رواه مسلم في صحيحه و في حديث آخر حول نفس الموضوع، في صحيح مسلم أيضا: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك. ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم. ثم أسكت هنية. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا.
  لا أنكر أن كلا الحديثين فآجآني و لكن حسب رواية جابر سيكون هناك شيء جميل بعد كل هذا الحصار، و لكن الله وحده العالم من سيشهد هذه البشرى السعيدة...
· قال رسول الله: عمران بيت المقدس، خراب يثرب، وخراب يثرب، خروج الملحمة، وخروج الملحمة، فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال. ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدث أو منكبه ثم قال: إن هذا لحق كما أنك هنا، أو كما أنك قاعد. يعني: معاذ بن جبل. صححه الألباني و سكت عنه أبو داود و قد قال أن كل ما سكت عنه فهو صالح.
  من الجيد حفظ هذا الحديث...
· قال رسول الله: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب. يقتتل الناس عليه. فيقتَل، من كل مائة، تسعة وتسعون. ويقول كلّ رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أَنجو. وفي رواية: بهذا الإسناد، نحوه. وزاد: فقال أَبي: إن رأيته فلا تقربنه. صحيح مسلم
 حسنا كما في نصيحة والد الراوي... إن رأيته لا تقربه...
· قال رسول الله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني – أو – من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا. وفي لفظ: لا تذهب – أو لا تنقضي – الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي. أخرجه أبو داود و سكت عنه، و قد ذكر أن ما سكت عنه فهو صالح.
  إذن هذه الأرض ستتذوق العدل يوما ما، و أخيرا...
· عن أم سلمة قالت: قال رسول الله: يعوذ عائذ بالبيت فيـُبعث إليه بعث. فإذا كانوا ببيداء من الأرض خـُسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: يـُخسف به معهم، و لكنه يبعث يوم القيامة على نيته. و في رواية بهذا الإسناد، و في حديثه: قال فلقيت أبا جعفر فقلت فقلت: إنها إنما قالت: ببيداء من الأرض. فقال أبو جعفر: كلا و الله، إنها لبيداء المدينة. أخرجه مسلم في كتاب الفتن و أشراط الساعة.
  ذُكر أن الراجح كون هذا الحديث مرتبط بما قبله و أن جيش الخسف هذا هو علامة المهدي الذي يملأ الأرض عدلا، فالمقصود بالحديث أنه يلوذ بالحرم فيـُرسل لقتاله جيش _و من المفهوم أن في الجيش مكرهين على الخروج فيه_ فيخسف بهذا الجيش بالبيداء بين مكة و المدينة... و لكن لأن الحديث بنصه لم يذكر أن هذا العائذ هو ذاك نفسه الذي سيملأ الأرض عدلا لذلك خالف البعض هذا الربط... و هذا يقودني للفكرة التي تليها...

- هناك كلام كثير حول الفتن و الملاحم التي بين يدي الساعة... و اختلاف لترتيب الأحداث... و طبعا هناك أمور ثابتة بالحديث الصحيح و واضحة لا لبس فيها... و هناك أمور راجحة اتفق عليها كثير من العلماء... و ربما هي أهم ما ينبغي لمؤمن عادي معرفته... هذا فيما يتعلق بالعلامات بشكلها المجرد كما وردت في الأحاديث... أما بالنسبة لاسقاطها على الوقائع فينبغي دائما الوعي للفرق بين الحديث و الأثر كما ورد و بين فهم عالم ما له... فهناك اجتهادات كثيرة حول هذا الأمر... و مع كل حدث من أحداث الأمة و مع كل زمن، يعاود الناس الاجتهاد و التفسير و الاسقاط على الواقع... مع وجود أناس على النقيض يشككون دائما و يصرفون الأنظار عن وقوع هذه العلامات.. و هذا يقودني للفكرة التي تليها...

- الله وحده العالم إن كان اقترب الزمان أم لا، أو إن كان واحدنا سيشهد العلامات الكبرى أم لا... فلا أحد يعلم حقيقة... و لكن ما المانع من أن يتخيل المرء هذا السيناريو في ذهنه ضمن كل السيناريوهات الأخرى في ذهنه... و أن يقرأ كتابا سهلا و موثوقا عن علامات الساعة... فهذا ما يفترض أصلا بواحدنا حتى لا يكون غافلا... و أن يعيش الاحتمالية و يكون مستعدا...

- لا أنكر أن كل هذه الأمور المرعبة تجعل المرء يصاب بالإحباط و الحيرة، فهل سيثبت؟ هل سيرى الحق؟ و لو رآه هل سيختاره؟ و هل و هل... و لكن حينها يظهر قول الله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء. ابراهيم 27
فعسى الله أن يثبتنا و يتلطف بنا و يرحمنا دائما و أبدا...

هذه كانت حكايتي مع كتاب الجد نعيم عليه رحمة الله... و أحسبه كان نعم المحفز لأبحث في هذا الأمر أكثر و أتعلم أكثر... و بغض النظر عن موثوقيته و كل الانتقاد الذي وجه له و أني لا أنصح به لمن يريد أن يتثقف حول علامات الساعة، فهو قليل الفائدة _لعسارته و عدم موثوقيته_ لقارئ عادي ليس لديه الجلد للبحث... أقول رغم كل هذا فهو أغرب و أعجب كتاب يمكن أن يقرؤه امرؤ في هذا الزمان و المكان و الحال _و لا أدري لو أني قرأته في وضع آخر أوكنت أحسست به هكذا أم وجدته غريبا و فقط!_... و أحسبه أشبع نهمة البحث عن "ذاك" الكتاب الذي يخبرني بسر ما يذهلني و يدوخني... قد عشت التجربة و لا أستطيع تخيل نفسي أقرأ كتابا سيصدمني بتلك الطريقة أو يهزني بمثل هذا العمق و يؤثر بي فيما بقي من عمري... فما الذي بقي بعد؟ و كأنه قد وشى بنهاية كل الحكايا... و فشى السر...  و قضي الأمر... و كأن آخر باب قد انفتح فرأيت... فلم يبق إلا أن أشهد...


و قررررررررربت...   
  http://www.youtube.com/watch?v=pkbBBryZDqk#action=share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق